الاثنين، 8 أغسطس 2016

العنف في الرواية أم غواية العنف: خواطر على هامش كتاب "ظاهرة العنف في الخطاب الروائي العربي" لعزت عمر 1.

العنف في الرواية أم غواية العنف: خواطر على هامش كتاب "ظاهرة العنف في الخطاب الروائي العربي" لعزت عمر 1.
د. الحسين ايت مبارك
كلية اللغة العربية
مراكش- المغرب.
ما أن تقع عيناك على جريدة، أو نشرة أخبار في التلفزيون، أو تنتهي إلى أسماعك أصوات المذياع، أو تصطادك خيوط الشبكة العنكبوتية حتى تتملكك الرغبة بالذهول عن هذا العالم الحزين المترع بالعنف والفظاعات، والرغبة بإشاحة الوجه عن الدمع والدم المُراقين في مجتمعاتنا العربية على الخصوص؛ إذ ينضح كل شبر من وطننا بمظاهر العنف، وينطق بصور القتل والتعنيف النفسي والجسدي للرجال والنساء والأطفال، والجرائم المتنوعة، والتهجير القسري، وحوادث السير العفوية والمفتعلة، والصراعات الطائفية، والتفجيرات، والصراعات الحزبية والسياسية، والأخذ بالثأر والانتقام، والإرهاب، واستباحة القوات البرانية والجوانية معا لأعراض الناس وأغراضهم، فضلا عن أجساد تنتهك جنسيا، وأخرى تقطع، وأخرى تفجر، وأخرى تتجمد بردا... وهلم جرا وسحبا.
أحسب أن اضطراب الأوضاع السياسية والاجتماعية والأمنية في بعض الأقطار العربية قد أسهم في شيوع هذه الظواهر، وأحسب أيضا أن حلقات العنف في الوطن العربي لم تنقطع أبدا، بل ظلت متصلة، ورابطة بين الزمن الحالي والزمن الامبريالي الاستعماري. وفي تصوري أن "المشترك" بين الزمنين هو الحجر على الحريات مع اختلاف الحاجر. بل أزعم أن ما نعيشه من أجواء موبوءة هي خصيصة عربية درجت عليها الأمة منذ قرونها الأولى.
وبالأوبة إلى رصد تجليات العنف في الإبداع، لن نجد مندوحة من التسليم بخلاصات ونتائج القراءة النقدية الثقافية، التي أنجزها الدكتور عبد الله الغذامي 2، في سياق تشريحه للثقافة العربية وأنساقها المضمرة؛ إذ أفضت مركزية الشعر في الحياة العربية، وعده صوت العربي وضميره المعلن، والبؤرة الجاذبة للمعارف والعلوم وأيام العرب وأنسابها، ولكل مظاهر الحياة عندها، والمَعْبَرُ إلى خلود الذكر أو خموله، قلنا إن هذه المركزية أفضت إلى شيوع أنماط من السلوك تستجيب لما يثوي خلف جماليات هذا الشعر من عيوب ومخاطر، وأصبحنا نعيش عالما مُشَعْرَنًا، وقيما مجترحة من نبوءات الشعر وفتوحات أصحابه، الأمر الذي جعل العنف يكتسب "سمات جمالية وفنية حتى صرنا نتقبله ثقافيا وكأننا في حال نشوة شعرية (...)، فالسفاح والمنصور والرشيد والمأمون، مثلا، كانوا يجدون في الشعر مصدرا للرؤية ونظاما في الحسم، وما من قرار اتخذه السفاح إلا وكان رديفه بيتا من الشعر"3.
لقد تحول المجتمع العربي، إذا، من قيم التشاور إلى الاستبداد، عندما تحول من العشائري إلى الشعري، ليصنع الطاغية، ويشيع قيم الأنانية والفردانية، ويكرس العنف بديلا عن الحوار. فالإنسان العربي يستشعر الضعف كلما نأى عن الاستبداد، تمثلا بقول المتنبي:
والظلم من شيم النفوس فإن تجد


ذا عفة فلعلة لا يظلمُ.

ألا تموج الأشعار التراثية بوصف الحروب والانتصارات؟ ألم يخصص أصحاب المختارات أبوابا لهذا الغرض، وأحيانا كتبا كاملة تحت مسمى الحماسة؟
ألم يقل جرير:
ألا لا يجهلن أحد علينا


فنجهل فوق جهل الجاهلينا.

وقال أيضا:
أنا الدهر يفنى الموت والدهر خالد



فجئني بمثل الدهر شيئا يطاوله.

جوابا عن قول الفرزدق:
فإني أنا الموت الذي هو ذاهب


بنفسك فانظر كيف أنت. محاوله.


ما ينهض دليلا على عقلية الإلغاء والإقصاء التي سكنت وجدان العربي.
وهذا عمرو بن كلثوم يقول:
لنا الدنيا ومن أمسى عليها
بغاة ظالمين وما ظُلِمنا
ملأنا البر حتى ضاق عنا
إذا بلغ الرضيع لنا فطاما
ونشرب إن وردنا الماء صفوا
ترانا بارزين وكل حي
ونحن الحاكمون إذا أُطعنا



ونبطش حين نبطش قادرينا
ولكنا سنبدأ ظالمينا
وماء البحر نملؤه سفينا
تخر له الجبابر ساجدينا
ويشرب غيرنا كدرا وطينا
قد اتخذوا مخافتنا قرينا
ونحن العازمون إذا عصينا


أتصور أن كتاب الناقد عزت حسن "ظاهرة العنف في الخطاب الروائي العربي" لا يعدو أن يكون قطرة في واد من دماء العنف ودموعه. وقد أفلح الكتاب عبر فصوله السبعة في أن يتنقل بين محطات العنف، ويرصد بعض صوره في جنس أدبي متميز هو الرواية التي تجتهد في التقاط اليومي وتعقب أنفاس المجتمعات والشخصيات التي تكتب عنها.
ولئن كان العنف سلوكا ولد مع الإنسان، وبرزت أولى إرهاصاته في أبشع صورها مع قابيل وهابيل، فإن الباحث يمضي بالظاهرة إلى أبعد جذورها إبداعيا، بدءا من "ملحمة الخلق البابلية" التي تمتد إلى ألفي سنة قبل الميلاد، والتي تفيد أن إقامة الأنظمة الجديدة تستوجب هدم أخرى قديمة واجتثات أركانها، عبر إراقة الدماء وممارسة طقوس العنف نفيا للأب أو قتلا له. ويرى الباحث أن "لحظة العنف واظبت على حضورها في الذاكرة الجمعية لأسباب كثيرة، حتى أنها لتبدو  لنا أشبه بكائن خرافي أدمن الدماء، وما انفكت تعيد إنتاج نفسها بأشكال شتى".4
وعرج، غِبَّ ذلك، على الحديث عن ظاهرة العنف في أعظم الروايات العالمية، قبل الانعطاف إلى نظيرتها في المجتمعات العربية، التي أتصور أن يكون فيها العنف أرسخ وأقوى لاعتدادها بالأعراف، وتغييبها لمنطق العقل الناتج عن شيوع الأمية والتخلف، و سيادة مفهوم الذكورية، وكثرة الفقر، وسيادة  منطق اليد الحديدية القائمة على السلطوية والاستبداد.
ويبدو أنه عمد إلى انتخال بعض الأعمال حتى يُنمذج لأنماط مختلفة من العنف، منها: العنف والمنطق الاجتماعي المُؤسَّس على الفضيحة والعار المُنتزَعين من عرف ملأ على الناس وعيهم ولا وعيهم، حتى صار كالقانون، ولا أدل على هذا المنطق من رواية "بداية ونهاية" لنجيب محفوظ، والتي تسرد حكاية الضابط حسنين وأخته نفيسة التي وجدت نفسها أمام قدر صادم؛ هو قدر الموت، ولم يتح لها من  خيار إلا في نطاق الوسيلة (القتل  أو الانتحار).وهنا تؤثر نفيسة عنف الموت على عنف المجتمع.
أما العنف والمنطق السياسي أو منطق السلطة، فتمثله كثير من الأعمال السردية التي ترصد العلاقة الملتبسة بين المثقف والسلطة، وكيف ينتهي الأمر ببعضهم إلى الاستجابة لإغراءات السلطة وإغواءاتها (في إطار الحجاج الاستهوائي المبني على الاستمالة أو الضغط والقمع).
وألفينا بعض هذه الأعمال تستخبر العنف السياسي، وطرائق تدجين الإنسان العربي، وإخضاعه لإملاءات المؤسسة السياسية طوعا أو قسرا. وتتداخل فيها صور التعنيف والتعذيب والإرهاب والدم... وغيرها، علاوة على إضاءة الدروب المعتمة للانتهازية، التي تضحي بمصائر الناس انتصارا للمصالح الشخصية. دع عنك العلاقة الجدلية بين العنف النفسي الذي يجسده الإقصاء المبني على معايير اجتماعية مجحفة، وبين العنف الجسدي الذي تمارسه الجماعات الإرهابية، والتي ليست- في نهاية المطاف- إلا نتاجا لذلك الإقصاء والتهميش الذي تمارسه السلطة، ويمارسه المجتمع ضدا على أبنائه، ما يعني أننا نحن من يصنع الطغاة، ونحن من يصنع الاستبداد، ومن ثنايا ممارساتنا ينبثق الإرهاب والعنف ويتولد.
إجمالا، صرف ذ. عزت عمر همته شطر بيان تجليات العنف المؤسس، وعلاقته بالاغتراب السياسي، وجدلية الذات والآخر في سياق حوار الحضارات، والعنف الرمزي الاجتماعي، وعلاقة العنف بالمدينة، والعنف في الرواية الإماراتية، ثم العنف والمقاومة في فلسطين. وقد أسعفته في تشريح هذا الركام من العنف،  وتعقب مختلف ألوانه أعمال روائية كثيرة ومتنوعة 5.
لا شك أن عددا هائلا من الأعمال السردية على امتداد جغرافية الوطن العربي قد أثثتها مشاهد العنف، ونهلت من حمامات الدم، ولا يكاد يخلو قطر من هذه الأقطار من تصانيف تتحدث عن العنف بأنواعه وأشكاله، وأخرى تكشف عن تجلياته في الأدب، منها كتاب "صور العنف السياسي في الرواية الجزائرية المعاصرة" لسعاد عبد الله العنزي، والكتاب الذي بين أيدينا الآن، وغيرهما كثير 6.
واللافت أن الرواية العربية قد أبانت عن أن المتخيل لا يبتعد كثيرا عن الواقع، فهي متخيل واقعي أكثر مما هي واقع متخيل. وهي تستبطن صور التخاذل والخيانة والتواطؤ والرجعية، على نحو يجعلها تواجه عنف الواقع بأدوات تناظره في العنف، مثل السخرية التي تعد من أعنف أدوات إنتاج المعنى. ويعد صنع الله إبراهيم من أبرز من وظف هذه التقنية في أعماله السردية.
لا جرم أن تنامي رصيد الأمة العربية من العنف حتى صار يتلبس بأنفاسها، ويسري في عروقها مسرى الدم ومجراه، إنما يصدر عن تشبع عناصرها بقيمة التعالي، وإيمانها بالمُطْلقات (العلم المطلق والاعتقاد المطلق والحقيقة المطلقة...)، وفي غياب شبه كلي للحوار الذي "لا يمكن أن يجري إلا في دائرة الممكن" 7، ولا يتأتى نجاحه، كما يقول الدكتور محمد العمري، إلا بالتوافق، ودرء هذه المطلقات؛ إذ يتصور أن "الحوار يقتضي "الاختلاف"، والحوار يقتضي "تنسيب الحقيقة"، ولا يجوز لشخص يدعي الحقيقة المطلقة أن يقول: "سأحاور"8.
بهذا الفهم، نحتاج في واقعنا المعاصر إلى البلاغة، لأن بها نحيا، فهي "علم كلي يعتمد على علوم كثيرة" كما قال حازم القرطاجني وقبله أرسطو، "فهي تحتاج إلى المنطق والأخلاق واللغة وعلم النفسي". 9 ونحتاج، تحديدا، إلى بلاغة الحجاج، لتكوين ذهنية نقدية، متملكة لقواعد المناقشة والتخاطب وأخلاقيتهما، وأدبيات الإقناع بالحجة، "وبالتي هي أحسن؛ فهذا النوع من التربية سيغنينا عن أساليب أخرى يلجأ إليها المتخاطبون، وقد يلجأ إليها السياسيون أيضا"10.
ونعلم أن السياسيين في أوطاننا يخلطون بين الإقناع وما يسميه العمري بالإقماع. وهذا سلوك موروث عن الأجداد؛ فالعباسيون "قاموا بوصفهم معارضة سياسية ضد الأمويين بدعوى ظلم بني أمية وتجاوزهم، غير أن العباسيين وهم يقومون كمعارضة ينتهون إلى نهاية نسقية، ويقدمون أمثلة كالسفاح الذي اكتسب اسمه من كثرة سفكه للدماء حتى صار ذلك علامة عليه ولقبا له، ومن بعده المنصور الذي لم يكن يطيق أحدا بإزائه حتى قتل أبا مسلم الخراساني، وهو القائد الذي أدار الحرب ضد الأمويين حتى ضمن السيطرة للعباسيين، وما كان له من ذنب سوى غيرة المنصور منه. (...) والمأمون نَكَّل بكل من لا يرى رأيه في الاعتزال، لا لشيء إلا لأنهم لا يقولون كما يقول السيد الرئيس"11   
كل ما سلف يطرح ضرورة تخليق الخطاب، والنهوض بأدبيات الحوار وواجباته، دون استعماله على غرار مصطلحات أخرى كثيرة استعمالا سيئا وزائفا، ومحفوفا بغير قليل من الإيهام والتوجيه والتضليل 12.
فالحوار هو تقدير الآخر واحترامه، وهو الإيمان بالاختلاف وفن تدبيره، وهو المعبر إلى الديمقراطية الحقيقية، وهو المسلك الآمن إلى تحقيق السلم والمصالحة مع الذات ومع الآخر.       
      

























الـــــــهـــــوامــــــش:
1- ظاهرة العنف في الخطاب الروائي العربي، عزت عمر، (كتاب دبي الثقافية)، الإصدار 118، ط 1، ديسمبر 2014م، دار الصدى.
2- النقد الثقافي، قراءة في الأنساق الثقافية العربية، عبد الله الغذامي، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب/ بيروت، لبنان، ط4، 2008م.
3- م. نفسه، ص 218. ويضيف: "وكان المنصور يشاور رجاله حتى مدحه شاعر وصفه بفحولة القرار حتى لا يحتاج إلى معين، فقطع عادة التشاور استجابة وتحقيقا للشرط الشعري، والرشيد اتخذ قراره ضد البرامكة حينما ترنم أمامه مغن بأبيات لعمر بن أبي ربيعة تحث على الحسم، فقتل وسجن ونكب أعوانه الذين ما كانت نفسه ترتاح لوجاهتهم بإزائه، وابنه المأمون كان  من ديدنه أن يتمثل بالشعر إذا قضى على خصمه" ص: 218-219.
4- ظاهرة العنف، عزت عمر، ص: 6.
5- نذكر من بين هذه الأعمال: رواية "فرج" لرضوى عاشور، "المترجم الخائن"، لفواز حداد، "بداية ونهاية"، لنجيب محفوظ، "يالو" لإلياس خوري،  وله روايات أخرى، "العنف والسخرية" لألبير قصيري، "عمارة يعقوبيان" لعلاء الأسواني، "الزيني بركات والزويل" لجمال الغيطاني، "الغربان لا تختفي أبدا" لعبد الفتاح صبري، "جيل القدر" لمطاع صفدي، "ملحمة القتل الصغرى" لوليد إخلاصي، "تلك العتمة الباهرة" للطاهر بن جلون، "حجر السرائر" لنبيل سليمان، "دلعون" لنبيل سليمان أيضا، "سفر الخطايا" لآمال البشيري، "ليون الأفريقي" لأمين معلوف، "موسم الهجرة إلى الشمال" للطيب صالح، "الملكة المغدورة" لحبيب سروري،
"سمر قند" لأمين معلوف، "عابر سرير" لأحلام مستغانمي، "المحبوبات" لعالية ممدوح، "شمس الأصيل" لفيصل حرتش، "ثلاث تفاحات" لمحمد أبو معتوق، "طوق الأحلام" لمحمد شويحنة، "سلمون إرلندي" لخليل الرز، "بردبي" لزياد عبد الله، "البحريات" لأميمة الخميس، "منامات" لجوخة الحارثي، "الحروف التائهة" لوليد إخلاصي، "مزون" لمحمد عبيد غباش، "زينة الملكة" لعلي أبو الريش، "شاهندة"، "لراشد عبد الله النعيمي، "شجن بنت القدر الحزين" لحصة جمعة الكعبي،ـ ولها أيضا "طروس إلى مولاي السلطان"، "سيح المهب"  لناصر جبران، "ثنائية مجبل بن شهوان" لعلي أبو الريش، "أم سعد" لغسان كنفاني، "روايات سمر خليفة، "زمن الطيور الكاسرة" لأميرة الحسيني، "فتنة كارنيليان" لأنور الخطيب، "مملكة الفراشة" لواسيني الأعرج، "يوم قتل الزعيم" لنجيب محفوظ، "مديح الكراهية" لخالد خليفة...
6- ومن المراجع التي تناولت أيضا العنف أو ما يتصل به، في الإبداع وفي غيره، نذكر: في الثقافة العربية: العنف والمقدس والجنس في الميثولوجيا الإسلامية لتركي علي الربيعو  وجذور الاستبداد لعبد الفتاح إمام وطبائع الاستبداد لعبد الرحمان الكواكبي. وفي الثقافة الغربية: الأنماط الثقافية للعنف لباربراويتمر، ترجمة: ممدوح يوسف عمران وتشريح التدميرية البشرية، لإريش فروم والعنف الرمزي لبييربورديو.
7- أسئلة البلاغة في النظرية والتاريخ والقراءة (دراسات وحوارات)، د. محمد العمري، أفريقيا الشرق، المغرب، ط 1، 2013م، ص: 265.
8- أسئلة البلاغة في النظرية والتاريخ والقراءة (دراسات وحوارات)، د. محمد العمري، أفريقيا الشرق، المغرب، ط 1، 2013م، ص: 265.
9- م. نفسه، ص: 264.
10- م. نفسه، ص: 264.
11- النقد الثقافي، عبد الله الغذامي، ص: 217.

12- للتفصيل في هذا الموضوع ينظر كتاب د. محمد العمري "دائرة الحوار ومزالق العنف، (في أساليب الإعنات والمغالطة؛ مساهمة في تخليق الخطاب السياسي)"، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2002م.