الاثنين، 3 أكتوبر 2016

منهجية العمل الجامعي: د. الحسين ايت مبارك

بسم الله الرحمن الرحيم
منهجية العمل الجامعي: د. الحسين ايت مبارك
بولوج رحاب الجامعة تشهد حياة الطالب تحولات عميقة، إن على المستوى النفسي أو الاجتماعي أو المعرفي العلمي، ما يستلزم منه الوعي بشروط هذا التحول، وإيجاد الصيغ العملية المناسبة لمواكبة هذا التحول واحتوائه.
وإذا كنا قد تحدثنا – في سياق المحاضرات- عن بعض المعضلات النفسية والاجتماعية التي تصاحب الطالب وهو ينصرف عن بلدته وبيت عائلته إلى بيوت الطلبة وإلى حيث الجامعة، فحقيق بنا أن نقتصر في هذه الورقات على الحديث عن منهجية العمل العلمي الجامعي في صيغه البسيطة والمركبة، خاصة في ضوء مراكمة الطالب لمعارف متعددة، ما يقتضي التنسيق والتنظيم.
من هنا، يحتاج الطالب إلى اكتساب مهارات تمكنه من ممارسة البحث العلمي، وتحصيل القدرة على إعادة إنتاج الفكر أو المعرفة. 
بنية العمل العلمي:
1- المقدمة: * أسباب اختيار الموضوع (ذاتية وموضوعية)، ثم أهميته.
* أهداف البحث
* مادة  البحث (المتن الذي ستشتغل به).
* خطة العمل (أي تصميمه، وهو الوجه الثاني لفهرس الموضوعات).
* الجهود أو الدراسات السابقة.
* منهج العمل.
يمكن إضافة المدخل بعد المقدمة، وتتناول من خلاله مكونات العنوان تناولا إشكاليا أو تفرده للحديث عن بعض المفاهيم أو التوطئة النظرية أو السياق التاريخي للموضوع...
2- صلب الموضوع: ويتضمن الأبواب والفصول والمباحث والمطالب أو العنوانات الفرعية (وحسن التفريع والتقسيم ينم عن قوة التنظيم والدقة المنهجية).
3- خاتمة: نخصصها للخلاصات والاستنتاجات العامة، ثم الأسئلة الاستشرافية والاستفهامات الإشكالية (وذلك بغية فتح آفاق جديدة لمن يأتي بعدك).
بعض الشروط الذهنية والذاتية للباحث:
بالإضافة – طبعا- إلى سعة الاطلاع وعمق المعرفة بالمجال الذي يشتغل به، فإنه  لاغنى للباحث أن يراعي الآتي:
* تجنب الأفكار المسبقة.
* التخلص من سطوة أفكار باحث معين في الموضوع، وأن نحارب بالخصوص الانقياد إلى ثقافة آخر كتاب قرأناه.
* البعد عن العواطف الشخصية كالتعصب للموضوع أو عليه، سواء أكان مصدر هذا التعصب دينيا أو سياسيا. ويبدو أن العواطف الشخصية من أشد المسائل ضررا بالحقيقة العلمية المجردة، ونسفا للموضوعية.
* التزام الوسطية في التناول (النسبية)، والاحتراز من شطط الذات حتى في ضوء الإقرار بعدم وجود حياد مطلق (فكل قراءة، فهي قراءة آنية غير نزيهة أو بريئة لأنها تظل مشدودة إلى مواضعات الراهن).
* التزام الأمانة في نقل النصوص والإشارة إلى مصادرها، بل وضبط الزيادة والنقصان بضوابط  تقنية: الزيادة: [....] – النقصان: (...).
* التمثل الجيد للنصوص وعدم بترها أو اجتثاتها من سياقاتها.
* ملاءمتها لسير بحثك وقدرتها على إضافة خطوات جديدة إلى العمل (بمعنى أن تكون النصوص دالة).
* عدم استعارة أحكام القيمة المرتبطة ببحث آخر وإسقاطها على بحثك (حكم قيمة مرتبط بشوقي مثلا وإسقاطه على شاعر مغمور)، أو استعارة مفهوم أو معطى تاريخي أو حقيقة تاريخية موصولة بمرحلة معينة (مثل الحديث عن الرأسمالية أو الاشتراكية أو البورجوازية أو غيرها في العصر الجاهلي أو الأموي...).


العتبات الميسرة لقراءة الكتاب:
* العنوان: عتبة أولى تقع في الواجهة وتستلزم الدلالة على المحتوى، بمعنى ضرورة الجمع بين الإيجاز والإحاطة. إلا أن الأهداف التسويقية تفضي إلى الإخلال بهذا المعطى، وبالنتيجة البحث عن الرواج والتداول من خلال توظيف عنوانات جمالية تداولية.
* المقدمة: لا تخفى أهميتها بالنظر إلى كونها عقدا بين المبدع والمتلقي ينبغي احترام بنوده.
* الخاتمة: كذلك الشأن بالنسبة للخاتمة التي تكشف عن القيمة الحقيقية للعمل،  وتتيح للمتلقي إمكانية امتحان الخلاصات والنتائج ووضعها في المحك.
* فهرس الموضوعات: يعد النظر فيه من إملاءات عصر السرعة، فكل قارئ يكون محكوما بنية مخصوصة وهو يدخل إلى العمل، ما يجعله يكتفي أحيانا بقراءة فصل أو مبحث أو ورقات معدودة حسب بغيته.
* لائحة المصادر والمراجع: تتيح لك معرفة ما إذا كان المؤلف على بينة من آخر ما صدر، على نحو يظهر مدى مواكبته لسيرورة البحث العلمي أو عدمها، خاصة إذا فاته الاطلاع على كتاب من شأنه أن يغير تقاسيم موضوعه ووجهته كليا.
أهمية الهوامش: تفيدنا الهوامش في توثيق أفكارنا وردها إلى أصولها استمساكا بمبدأ الأمانة العلمية، فضلا عن أنها مجال فسيح للنقاش والإضاءات ولكل ما من شأنه أن يعوق الطابع الاسترسالي والإنسيابي للمتن، ومن فوائدها نذكر.
* توثيق الأفكار بالإشارة إلى مصادرها ومراجعها. ولا نعمد إلى النقل بالوساطة إلا إذا تعذر الوصول إلى الكتاب الأصلي.
* لا نوثق الأبيات الشعرية إلا من الدواوين أو كتب المختارات كالأصمعيات والمفضليات وكتب الحماسة وغيرها، وفي حالة عدم وجودها بالدواوين وكتب المختارات، نلجأ إلى بعض المصادر كالأغاني والشعر والشعراء وغيرهما.
* لا نوثق الأمثال إلا من كتب الأمثال.
* والأحاديث من كتب الحديث مع الامتثال لطريقة علماء الحديث في التوثيق.
* والآيات القرآنية من المصحف الشريف... وهكذا.
* الهامش مجال أيضا للاستفاضة في الحديث عن فكرة أو قضية أثيرت بالتداعي.
* الهامش مجال أيضا لتوثيق الأعمال والتعريف بها، مع الاعتماد في ذلك على كتب التراجم، والابتداء بالأقرب من العلم فالأقرب.
* التراجم والابتداء لإيراد بعض الآراء المعارضة لتصورك مثلا أو الموضحة له ... الخ.
* هناك طريقتان في التوثيق:
الأولى: توثيق الكتاب كاملا أول ما يرد، وبعد ذلك نورده اختصارا.
الثانية: الاختصار على مدار العمل ثم توثيقه كاملا في لائحة المصادر والمراجع. 
* إذا توالت الإحالة على الكتاب نفسه، نشير إلى ذلك ب: المصدر أو المرجع نفسه، أو م. نفسه، أو نفسه، أو م.ن.
الببليوغرافيا: جاءت من بيبلوس، أي كتاب أو مكتبة. وقائمة المصادر والمراجع هي الببليوغرافيا.
أنواعها، يمكن تمييز أنواع من الببليوغرافيا بالنظر إلى محتواها، أو بالنظر إلى نوعية الإصدار.
1- بالنظر إلى محتواها:
1-1- ببليوغرافيا عامة (générale)، وتتيح للباحث التعرف بجميع الإصدارات داخل منطقة معينة دون تمييز بين أشكال المعرفة: قد تجد كتابا في الشعر وآخر في الفيزياء... الخ. مثال: أريد معرفة ما صدر بسوريا.
1-2- ب. متخصصة أو موجهة: يهتم هذا النوع بإدراج الإصدارات المتعلقة بميدان معرفي معين (شعر / نثر)، وداخل نسق لغوي معين (أدب فرنسي، انجليزي...).
1-3- ب. شاملة (Total): إيراد عنوانات متعلقة بتخصص ما في مجمله كالأدب العربي أو الفرنسي أو الألماني...
1-4- ب. خاصة (spéciale): هناك أدب عربي مثلا. إلا أن ما يهمني هو معرفة ما كتب عن المعري وحده. [وهذا النوع يخصص، ويحدد الحيز الزمني].
1-5- ب. مختارة (sélectionnée): كتب العرب والغربيون عن المتنبي. ما يهمني هو ما كتب الغربيون فقط. يمكن أن أختار ما كتب عنه في صيغة مقالات، ولا أختار ما كتب عنه في صيغة كتب...
2- بالنظر إلى نوعية الإصدارات: هناك نوعان:
2-1- ب. مغلقة: يهمني مثلا ما كتب في أدب الغرب الإسلامي من سنة 2000 إلى سنة 2005، ما قبل وما بعد لا يهمني.
2-2- ب. مرحلية: تتجه إلى مرحلة ما بصورة اعتباطية، على أساس الإخبار بما صدر فيها من جديد.
* نوع استثنائي، تقدم عرضا موجزا للعنوانات التي يحويها الكتاب. وقد سبق لمجلة "فهارس مغربية" أن أنجزت هذا النوع.
ما الهدف من الببليوغرافيا؟ الهدف الأساس يكمن في إعطاء القارئ معلومات كافية تسمح له بفحص الاستشهادات للتيقن منها، أو لاستقصاء المعلومات والاستزادة منها.
كيف يجب أن تكون معلومات الببليوغرافيا؟ يجب أن تكون تامة غير منقوصة، دقيقة،  بعيدة عن الخطأ، وكما وردت في النص.
كيف ننجز ببليوغرافيا منظمة؟ علينا أولا تحديد أهدافنا، ثم:
1- الاتجاه إلى المصادر الكبرى المتصلة رأسا بالميدان (مصادر تاريخ الآداب –معاجم – موسوعات – كتب التراجم والطبقات...).
2- إنجاز ببليوغرافيا مغلقة وأخرى متخصصة.
3- الاتجاه إلى آخر الإصدارات المتصلة بالميدان، ومراجعة آخر مستجداته (رسائل جامعية، كتب جديدة، دوريات، نشرات متخصصة).
4- وختاما، دراسة العناصر التي حصلنا عليها في الخطوة الأخيرة.
كيف نجتنب التكرار؟ نجتنبه بتشكيل جذاذات حسب الترتيب الأبجدي، بحيث نضع اسم العلم على رأس الجذاذة. 
هل هناك نظام قار لوضع ببليوغرافيا؟ ليس هناك نظام ثابت نخضع له عند وضعنا لببليوغرافيا. إنما هناك أعراف يحسن إتباعها. ونعرض لبعض الحالات مثالا: حالة كتاب عادي: أصول النقد الأدبي – أحمد الشايب- ط 8، مكتبة النهضة المصريف القاهرة، 1973م.
حالة كتاب مترجم: جماليات المكان، غاستون باشلار، ط 2، ترجمة غالب هلسا، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت / لبنان، 1984م.
حالة كتاب محقق: الخصائص – أبو الفتح عثمان بن جني – د.ط – تحقيق محمد علي النجار- دار الكتاب العربي / دار الكتب المصرية – بيروت / لبنان – د.ت – ج 1.
حالة المقالة: عنوان المقالة – صاحبها – اسم المجلد – العدد – السنة – (من ص: كيت إلى ص: كيت)، (عدد خاص...).
الأطروحات المرقونة: عنوان الأطروحة- اسم صاحبها – دبلوم أو رسالة دكتوراه – اسم الكلية التي قدم فيها العمل – سنة التقديم. (لا يهم تعيين الإشراف والمناقشة).
حالة كتاب مخطوط: اسم الكتاب – صاحبه – الخزانة التي يوجد بها – عدد الورقات – رقمه.
الفهرسة: الفهرسة أساسا عمل تقني، ييسر الاستفادة من الخزانة، فبدونه تصبح المكتبات أو الخزانات مجرد مخازن فارغة لا يمكن الاستفادة منها. فالمفتاح الأول لمعرفة ما تحتوي عليه الخزانة هو الفهارس. إن الفهرسة، بهذا، عملية من شأنها تحديد المسؤولية عن وجود كتاب، وتقديم الملامح المادية الكبرى له، مما يسهل الوصول إليه.

وهناك نوعان من الفهرسة:
1- فهرسة وصفية: تقدم وصفا ماديا للكتاب.
2- فهرسة موضوعية: تختص بالمحتوى الموضوعي للكتاب.
وظائف الفهرسة:
1- تدل على مكان وجود الكتاب (هدف عملي).
2- تقدم معلومات أولية عن مؤلف ما.
3- تساعد على وضع أو تجميع ببليوغرافيا.
4- تعين على  إعداد الفهارس العامة أو المتخصصة.
5- تقدم خدمات للمكتبة (تبين لها ما هي في حاجة إليه).
بين الببليوغرافيا والفهرسة: كلاهما يقدم معلومات أولية عن كتاب ما. إلا أن الفهرسة أوسع من الببليوغرافيا لأن عليها:
1- الإشارة إلى نوعية الطبعات الموجودة في المكتبة.
2- ترقيم مؤلفات كاتب ما (مؤلفات مصطفى صادق الرافعي مثلا).
3- تحديد نسخ كل مؤلف.
بطاقة الفهرسة: * تبين أن الكتاب يستعار خارج المكتبة أم لا.
* الإشارة إلى عدد صفحات الكتاب.
* بيان مقاس الكتاب (حج كبير – متوسط - صغير)، وله
فائدتان:
1- تيسير وضع الكتاب داخل الخزانة.
2- تقديم تصور شكلي عن الكتاب.
3- إبراز الرقم الدولي الموحد: I.S. B. N   أو رقم الإيداع القانوني.
تقسيم الفهرسة إلى مبوبة وتصنيفية ومرئية:
1- مبوبة: تقدم المعلومات الشكلية نفسها لكتاب ما، مع مراعاة التسلسل الزمني للإصدار. ولا تهتم بمقالات المؤلف، بل بالكتب.
2- تصنيفية: أشهرها التصنيف العشري لديوي.
3- مرئية: وترى على الشاشة، وتغني عن الذهاب إلى جداول البطاقات.
البنية الشكلية للكتاب:
كما يهتم العلم بالمضمون، يهتم أيضا بالبنية الشكلية، أو المستوى الإخراجي الذي يشمل مايلي: (نوعية الورق- نوع الخط – كيفية وضع المعلومات على صفحة الكتاب – لون أو تصميم الغلاف – المؤلف – مكان الطبع – تاريخه...)، وذلك لأن العلم دخل الآن دوامة التسويق، فأصبح لزاما على المؤلف - إذا رغب في أكبر قدر من القراء- أن يعتني بهذه البنية، التي تعد – إلى جانب التسويق – عنصرا أساسيا في القراءة وتوصيل المعلومات.
العناصر الشكلية الداخلية للكتاب:
- عنوانات البحث الرئيسة والفرعية (تكتب بخط بارز أو مختلف).
- الصفحة التمهيدية التي تلخص مبحثا أو فصلا معينا.
- طريقة تصنيف المصادر والمراجع.
- طريقة كتابة الفهارس (الآيات - الأحاديث- الأعلام - الأمثال - الأشعار- القبائل...).
كيف تختار كتابا؟
يجب أن تجيب عن سؤالين مركزيين، (قد تلتمس عون المتخصص):
1- ما الكتاب الذي يضمن لي فعلا الحقيقة العلمية التي أبحث عنها؟
2- هل الكتاب في طبعة واحدة أم في عدة طبعات؟ وهنا ينبغي التمييز بين:
* الطبعة الأولى: الإخراج الأول للنص في صورة كتاب دون التفات إلى صدوره في صورة مقالات.
* الطبعة المحققة: Edition critique نصوص أخرجها المحقق في صورة أقرب ما تكون إلى صورة المؤلف، وتتصل بشرطين:
أولهما: أن ينحو المحقق منحى نقديا في إخراجه للنص، بتصحيح ما فيه من أخطاء، أو بإصدار أحكام وتوضيحات.
ثانيهما: تملك الأداة النقدية (أو الحس النقدي)، وضع تخريجات على هامش النص. وهنا تبرز ثقافة المحقق.
* الطبعة الأخيرة: Edition definitive Edition du dernière main: النص كما صدر عن صاحبه في شكل نهائي، يتميز غالبا بإضافات أو تعديلات.
فإذا كانت للطبعة الأولى قيمة تاريخية فإن للطبعة المحققة قيمة نقدية علمية، لأنها ليست غفلا.
بنية العمل العلمي:
يخالف عرض الأعمال العلمية باختلاف الأهداف التي ننيطها بهذه الأعمال، فتأخذ شكل عرض أو محضر يرصد وقائع جلسة علمية أو درس جامعي أو شكل أطروحة... وتتفق جميعا في الهدف الذي هو الوصول إلى الحقيقة العلمية، والتمرس بأدوات البحث المنهجي.
* العرض: من أكثر الفروض التي يلجأ إليها الطالب في حياته الدراسية. ويجب أن يُبنى شكلا على نفس معايير المقالة ومقاساتها من حيث الطول وشروط التنفيذ: مقدمة – محتوى – خاتمة – لائحة المصادر والمراجع- الغلاف...
وأهمية العرض أنه يقدر الطالب على إنجاز أعمال علمية كبرى في المراحل اللاحقة من حياته الدراسية كالأطروحة مثلا.
* صعوبات:
1- مشكل الوقت: يحتاج الطالب إلى وقت كاف للإنجاز (ينبغي ألا يتجاوز العرض 20 صفحة ، وقد يلزم الطالب بإنجاز أكثر من عرض).
2- وجوب تماسك عناصر العرض شكلا ومضمونا.
3- عامل الوقت أثناء الإلقاء.
4- الوضع النفسي عند الإلقاء.
وعلى هذه الصعوبات، فالعرض لا ينفك يقترح نفسه صيغة أساسية في الدرس الجامعي، وإن كان يستعاض عنه بالورقة. فما هي الورقة؟
* الورقة: جاءت لتسد أشكال النقص في العرض، ولتضيف للطالب مهارات أخرى.
وتسعى إلى اقتراح الموضوع في صيغة أسئلة وأفكار كبرى. فهي تطور النقاش وتسير به إلى نتيجة جماعية، إذ يصبح الجميع مسؤولا عنها لا صاحب الورقة وحده وليست كالعرض الذي يأتي الحاضرون لسماعه وهم فارغون إلا من عنوانه، لأنها توزع على الحضور قبل الإلقاء. ويمكن إشباعها بالوثائق والنصوص الممكنة. 
ويبدو أن للورقة فوائد، منها:
1- لا تلزم الطلبة بمستلزمات العرض الشاقة.
2- تكتفي باقتراح الأفكار الكبرى وتضييق زاوية النظر إلى الموضوع.
3- إمكانية توزيعها أو ارتجالها، وهذا يثير الحوار الحاد والجاد بين الحضور.
4- الورقة تقربنا من مهارة الارتجال.
واللافت أن مفهوم الورقة يختلف في أهدافه من مؤسسة إلى أخرى. كما أن لكل جامعة تقاليد خاصة في الاشتغال بالورقة. ويمكن أن ينجزها أكثر من فرد. وميزتها أنها تحفز للنقاش.
إن الورقة عمل مفتوح ومنفتح، يقترح نفسه وثيقة مرحلية،  يمكن تجاوزها أو الإبقاء عليها عن طريق النقاش. إنها مجرد وسيلة عمل (Moyen de travail).
* عرض كتاب: أي التعريف بالكتاب شكلا ومضمونا. وعملية ترويج وتسويق له، بتقديمه إلى القارئ، وهو عمل محفوف بالمخاطر، إذ يمكن أن يحدد مستقبل الكتاب سلبا أو إيجابا.
* طرق عرض الكتاب:
1- طريقة تقريرية تسجيلية لا تتجاوز التقديم.
2- طريقة تحليلية نقدية.
3- عرض جانب واحد من الموضوع: وهنا يصبح العرض قراءة للكتاب من زاوية المنهج أو المضمون...
أما عرض الأعمال الإبداعية (شعر – سينما – مسرح...) فيقتضي التخصص.
* المداخلة: تنطلق من فكرة جد ضيقة، وتحرص على الاستفزاز والجدة، ويقدمها متخصص أعلم من الجمهور، ويدافع عنها.
* التقرير: قد يلزم الطالب بفرش يقدم فيه حدثا علميا كمحاضرة أو ندوة أو جلسة علمية،  وتقديم هذا الفرش نسيمه "تقريرا"، وهو توثيق لوقائع جلسة أو جلسات (في صيغة محضر)، والمحضر يحتوي على النتائج التي انتهى إليها النقاش.
 فهو وثيقة عاكسة لما جرى في الجلسة. والمحضر يضبط جميع ملابسات النقاش: طبيعته – أسماء المناقشين.
وطريقة تنفيذ المحضر تكون ب:
1- توجيه الاهتمام إلى النتائج التي انتهى إليها النقاش باختصار.
2- تعقب النقاش بصورة مفصلة.
* عناصر التقرير: تاريخ الحدث العلمي- المكان – عدد الحاضرين – موضوع الجلسة- السياق المعرفي العام للجلسة – المشرف عليها – الوقت – المقرر- إن التقرير – بهذا – مثل الكاميرا، إلا أنه يكون مكتوبا.
* شروط التقرير: - لغة مباشرة.
- عدم النفخ فيه بإظهار العضلات اللغوية والاقتدار
المعرفي.
- عمل علمي موضوعي: لا دخل فيه لشخصية المقرر. 
التقنيات والمختصرات المستعملة في الكتب والأطاريح:
وهي لغة يجب العلم بها، وهي عنصر أساسي في القراءة عالميا. نذكر على سبيل المثال: ط (طبعة) – د.ط (دون طبعة)- د.ت (دون تاريخ)- ثنا (حدثنا) – نا (أخبرنا) – مخ (مخطوط)- مخ . خ. ع (مخطوط بالخزانة العامة) – مخ – خ – م (مخطوط بالخزانة الملكية) – ص-ص (من الصفحة كيت إلى الصفحة كيت) – ج (الجزء) – مج (مجلد) – د (الدكتور) – ذ (الأستاذ)...

التحقيق ومشاكله:
التحقيق: إخراج النصوص التي كتبها آخرون في صورة أقرب إلى الأصل. وهذه النصوص قد تكون إما منقوصة أو تضعك أمام مشكلة القراءة.
إن التحقيق عملية تقريب للنصوص، وذلك يقتضي:
أ- الإلمام المعرفي والثقافي بالمجال الذي ينتمي إليه المخطوط.
ب- الضبط التقني (أي أن يكون المحقق ابن الميدان، متخصصا في التحقيق، متمرسان به).
ت- الدقة والأمانة في الإنجاز (تقديم النص بأخطائه ودون إضافات).
من مشاكل التحقيق:
* قد نصادف نصا دون عنوان، أو قد يكون مبتورا (منهاج البلغاء وسراج الأدباء مثلا)، أو قد يجهل مؤلفه (الحلل الموشية في الأخبار المراكشية مثلا).
* مشكل الخط المستعمل (لأن لكل فترة خطها).
* تحديد النسخ والمقابلة بينها.
* التعريف بالمؤلف: حياته وعصره.
* يمكن أن يغدو التحقيق شيئا أكبر من مجرد الإخراج: قد نجد تحقيقا ينسخ التحقيقات السابقة. ولاشك أن للمستشرقين جهودا وإسهامات في مضمار التحقيق (Edition critique ou historique).
الملحقات: Les Indices:
الملحق في لسان العرب من "ألحقته" أتبعته. والملحق: ما يلحق بالكتاب بعد الفراغ منه".
أما عن ضرورة وضع الملاحق فيمكن القول إنه أثناء البحث قد تصادف الباحث بعض الأفكار التي لها صلة بموضوعه، إلا أنها في الدرجة الثانية من الأهمية، أي أنها ليست ضرورية في صلب الرسالة. والباحث – في سياق مراعاته لتسلسل الأفكار- يتحاشى إقحام مثل هذه الأفكار في سياق الرسالة، فيضعها في الحاشية أو الهامش (أسفل الصفحة)- إذا لم تتعد بضعة أسطر- أما إذا كان الاستطراد أو الشرح طويلا، لا تتسع الحاشية لاستكمال كل تفاصيله، فإن الباحث يضطر لوضعه في ملحق خاص، وإلحاقه بالبحث.
واضح -إذن- أن الهدف من وضع الملاحق هو الاقتصاد في صلب الموضوع، أو اختزاله وتقليصه وعدم حشوه بما ليست له علاقة مباشرة به. وتوضع عادة لمن يرغب في مزيد من التوسع والتفصيل في فكرة أو نقطة واردة في البحث. وكذا الاطلاع على بعض الوثائق المهمة كالنصوص التاريخية والنظريات وغيرها.
ما هي مادة الملاحق؟ قد يكون الملحق عبارة عن صور أو جداول أو خرائط أو رسوم بيانية أو إحصائيات أو نماذج أو أقوال وآراء أو اقتباسات مترجمة عن مؤلفات فضلا عن الفهارس العامة (الآيات القرآنية – الأحاديث النبوية – الأعلام- الأماكن – الطوائف والقبائل والأمم- الأشعار والقوافي – الخطأ والصواب...).
أين توضع الملاحق من البحث؟ يرى بعض المهتمين بمناهج البحث أن الملاحق –إذا وجدت – تأتي بعد مصادر الرسالة ومراجعها، لا ثانوية مكملة لما ورد في صلب البحث.
ويرى آخرون أن الصلة وثيقة بين الملاحق وصلب البحث،  لذا وجب وضعها قبل المصادر. ولا يتبع ترتيب معين في وضعها، وإنما ترقم بحروف أبجدية أو بأرقام متسلسلة.
بيان السيرة: ملحق يتعقب فيه الشخص مراحل حياته العلمية من البداية إلى النهاية، بهدف تقديم صورة واضحة عن تطور حياته العلمية، والتنصيص على ما اكتسبه من مهارات وقدرات خارج تكوينه العام.
ولكتابتها طريقتان:
1- تناول المراحل العلمية للشخص بطريقة تحليلية إنشائية (ولدت سنة كيت، وفي سنة ... لأخلص إلى...).
2- محاولة تقسيمها إلى مجموعة من الوحدات بالنظر إلى مسيرة العلمية التي قد تشغل مجموعة من المحطات المهمة وتشملها.
* التكوين العام (التركيز على سنوات الدراسة خاصة سنوات الحصول على الشهادات).
* التكوين الخاص (المشاركة في دورة دراسية بمصر مثلا – المشاركة في أشغال ورشة تكوينية...).
* المهارات والقدرات (إتقان لغة أو لغات أجنبية – إتقان برنامج حاسوبي...).
* إنجازات علمية (منشورات – مقالات – مشاركة في ندوات – أوسمة – رئاسة مجموعة للبحث أو إدارة مجلة ما...).
إضافات عامة:
كيف ننظم لائحة المصادر والمراجع؟
* نتبع ترتيبا ألفبائيا (مغربيا)، أو أبجديا (مشرقيا).
* نحذف ابن وأبو وال.
* نبدأ بالمؤلفين أو بالمؤلفات.
* نراعي الحرف الأول ثم الثاني ثم الثالث وهكذا.
* القرآن الكريم يكون دائما أولا في اللائحة (بمعنى أنه يتصدر الترتيب).
* نتبع طريقتين في عملية التنظيم.
1- عزل المصادر عن المراجع عن المقالات،  ثم المخطوطات فالأطروحات والرسائل، ثم المراجع الأجنبية.
2- مصدر أو مصادر الدراسة (أي ما تشتغل به رأسا = المتن) ثم مراجعها.
Ü لا فرق بين المجلد والجزء في تقاليد البحث العربي، وإن كان المجلد يحتوي أحيانا أكثر من جزء.
Ü لا يجوز ذكر الألقاب في المتن (الدكتور – الأستاذ – العلامة...).
Ü في حالة تعدد الطبعات من الكتاب نفسه أو اختلاف المحققين للمصدر ذاته (مثل أسرار البلاغة للجرجاني أو العمدة لابن رشيق أو الشعر والشعراء لابن قتيبة...)، أو اختلاف المترجمين (بنية اللغة الشعرية لجان كوهين – دروس في الألسنة العامة لدى سوسير – لذة النص لرولان بارث...)، نعتمد طبعة واحدة وتحقيقا واحدا وترجمة واحدة، ونسعى ما أمكننا الوسع إلى اختيار الأجود، بمساعدة ذوي الاختصاص والعارفين بالأمور طبعا.